هجـــــــرة الحضارم

عرف الحضارم الهجرة منذ فجر الإسلام في حضرموت وهم الذين اكتنفتهم الآية في قولة تعالى ﴿ ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ﴾ فأول هجرة للحضارم إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم افواجاً. وعندما نادى المنادي في صدر الإسلام للجهاد والفتوحات كان لقبائل حضرموت السبق في ذلك بينا ذلك تحت عنوان (( حضرموت في عصر الخلفاء )) وقد توالت على أثر هذه الهجرة الأولى الهجرات في شتى أقطار الأرض الإسلامية ، فقد هاجر عديد من الحضارم إلى الأندلس ولمعوا في العديد من المجالات العلمية والأدبية والقيادية . ومن هولاء الذين خلدوا الإسلام في تلك البقع من الحضارم خاصة العلامة عبدالرحمن بن خلدون صاحب المؤلفات المتعددة في التاريخ وعلم الاجتماع ولم تقتصر هجرتهم إلى الأندلس فحسب بل حل الحضارم بأرض مصر والشام والعراق ، وترك في هجرتهم هذه بصمات على مجرى الحياة الاجتماعية في هذه الأقطار . فنجد بصماتهم في القضاء وذكر المؤرخون دور القضاء الحضارم التسعة ، ومن ألمعهم القاضي توبة بن نمر الضرمي الذي يكنى محجن الذي وضع أول نواة لوزارة الأوقاف في مصر .

وقد استمرت الهجرات من حضرموت فقد هاجرت قبيلة بني هلال بكاملها تقريبا الى شمال افريقيا اي بولية برقة وقابس بليبيا وذكر انهم حكموا هذه المناطق بالقوة .

وقد سعى الحضارم الى اليمن حسب قول المؤلف ( يقصد بها الجزء الشمالي من قبل الوحدة ) ولكن قائد الايوبيين في حضرموت وهو عثمان الزنجبلي الذي أصلى الحضارم نوعا من العذاب فمنعهم من مواصلة هجرتهم الى اليمن فاتجهوا الى الحرمين ثم انطلقوا نحو سواحل افريقيا الشرقية المبتدأة  بالصومال والحبشة مارة بمناطق كينيا وتنجانيقا واغندا وجزيرة زنجبار وجزر القمر ، وكاد يجعلون تلك البلاد ناطقة بالغة العربية ، ومازالت معالمهم قائمة برغم مما بذلة الاربيون من تشويه لهم في أذهان الأفارقة أثناء احتلالهم لتلك البلدان.

ولم يقتصروا على الهجرة إلى شرق أفريقيا فحسب بل غزوا بهجرتهم القارة الهندية وقد وجدوا اطيب المقام في هذه القارة عند نظام حيدر اباد الذي فتح لهم عديدا من المجالات في الوظائف الحكومية والوظائف العسكرية فلمع في هذه الولاية كثير من الحضارم منهم مؤسسا السلطنتين القعيطية والكثيرية غالب بن محسن الكثيري وعمر بن عوض القعيطي . ومن الأدباء العلماء السيد أبوبكر بن شهاب ، والأديب الأحمدي . وقد أسسوا بهذه الولاية مدارس صغيرة واعتمدوا مفتياً شافعياً . حيث أن المذهب السائد الحنفي ، ولكنهم لم يستطيعوا مزاحمة التجار الهنود في التجارة ، ولهذا لم يبرزوا في مجال المال ، ومن خلال الهند اتجهوا إلى جزر الهند الشرقية ( أي جمهورية اندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وما حوليها من الجزر) التي وجدوا فيها أمنيتهم ، وأقاموا فيها مجدهم وأضفوا عليها صيغتهم التامة .

أسباب هجرة الحضارم من حضرموت :

نلخص أسباب هجرة الحضارم من حضرموت في النقاط الآتية علي سبيل  الترتيب لا الحصر :

 1- هجرة الحضارم في الصدر الاول الاسلمي ، وكان سببها مساهمتهم في الفتوحات الاسلامية ضمن جيش جند الله وطاب المقام في البلاد المفتتحة .

 2- فترات الجفاف التي مرت بحضرموت في عديد من الأزمنة التي دفعت الكثير من الحضارم إلى الهجرة كما دفعت بني هلال إلى الهجرة على سبيل المثال .

 3- هجرة الحضارم طلباً للعلم والمجد فطاب لهم المقام في الجهات التي قصدوها فمنها الشام والعراق ومصر والهند والحرمان الشريفان .

 4- اضطراب الأمن والنكبات التي حلّت بحضرموت عبر الأزمان .

 5- لكون الحضرمي شخصاً يمتاز بالعقلية والنشاط التجاري ولكون حضرموت قطراً فقيراً في مجملة فلم يجدوا فيها متسعاً لطموحاتهم فغزوا أقطار الدنيا طلباً للمعيشة وإشباع رغباتهم في الملك والثراء مؤتمرين بقوله تعالى ﴿ هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها﴾

 6- الاطهاد والقتل في فترة بعد قيام ثورة 14اكتوبر1964م حيث ساد الفكر الاشتراكي الماركسي أدى إلى هجرة علماء الدين بعد قتل بعضهم وكذلك هجرة رؤوس الأموال نتيجة للفكر الاقتصادي الاشتراكي الذي لا يؤمن بالملكية الخاصة .

 المراجع :

 - الكاف ،سقاف علي، حضرموت عبر أربعة عشر قرناً .